انخفاض تحويلات المصريين بالخارج: الدوافع والأسباب

تعد تحويلات العاملين بالخارج أحد أكبر مصادر العملة الأجنبية وتفوق إيرادات السياحة وقناة السويس، إذ سبق أن سجلت التحويلات خلال العام المالي 2022/2021 مبلغا ضخما بلغ 31.9 مليار دولار بينما لم تتجاوز عائدات قناة السويس عن ذات الفترة 7 مليار دولار. 

وقد كشفت بيانات البنك المركزي الصادرة مؤخرا عن أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت انخفاضا في الربع الأولى من العام المالي الحالي أي خلال الفترة من يونيو إلى سبتمبر 2022 بنسبة بلغت 21% إذ سجلت6.4 مليار دولار فقط مقابل 8.1 مليار دولار خلال نفس الفترة في العام الماضي. وهو أمر يتطلب دراسة أسبابه نظرا لتأثير هذا الانخفاض بالسلب على الاقتصاد المصري المتأزم بالأساس.

أسباب تراجع التحويلات

1-تذبذب سعر الصرف

من أهم أسباب تراجع التحويلات هي تقلبات سعر الصرف ووجود تباين كبير بين السعر الرسمي والسعر في السوق سوداء تخطى نسبة 20% قبل التعويم الأخير للجنيه في يناير 2023 مما دفع المصريين للعزوف عن التعامل مع البنوك للاستفادة بفارق السعر الذي وصل 7 جنيهات في الدولار الواحد.

2- فقدان الثقة بين المواطن والدولة

السياسة النقدية التي اتبعتها البنوك خلال الفترة الماضية قبل التعويم الأخير، والتي تضمنت التضييق على أسر المصريين المغتربين عبر رفض السماح لهم بسحب أموالهم بالعملة الصعبة وإلزامهم بالسحب بالجنيه المصري وفق السعر الرسمي المنخفض، وهي حالات تكررت في أكثر من بنك. وبالتالي أصبح الاحتفاظ بالعملة الأجنبية وتغيرها حين الحاجة من السوق السوداء هو الخيار المفضل لكثير من المواطنين.

3- فشل الحكومة في استقطاب أموال العاملين بالخارج

قدمت الحكومة العديد من المبادرات بهدف استقطاب أموال العاملين بالخارج من أبرزها:

– مبادرة استيراد السيارات للمصريين المقيمين بالخارج مقابل إيداع قيمة الجمارك والضرائب المفترضة على السيارة على شكل وديعة دولاريّة في أحد البنوك المصريّة، خلال 4 أشهر من الموافقة على قرار الاستيراد، ثم يستردها بالجنيه المصريّ بعد 5 سنوات. وبينما توقع وزير المالية محمد معيط أن تصل حصيلة المبادرة إلى نحو 2.5 مليار دولار عبراستيراد ما بين 300 إلى 500 ألف سيارة، فعمليا تم تسجيل نحو 34 ألف حساب إلكتروني على المنصة الرقمية الخاصة بالمبادرة، في حين اقتصر عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات بالفعل على 4 آلاف فقط بحلول نهاية ديسمبر الماضي.

– شهادة بلادي الدولارية: حيث أعلنت الحكومة منذ أزمة انهيار قيمة الجنيه في عام 2016 عن طرح البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة شهادة مخصصة للمغتربين يمكن الاستثمار بها بحد أدنى 100 دولار بعائد 5.5% سنويا لمدة خمس سنوات و4.5% لمدة ثلاث سنوات، وسط توقعات بأن الشهادات سوف تجلب 2 مليار دولار، ولكنها لم تحقق منذ أكثر من 6 سنوات سوى 600 مليون دولار فقط.

– مشروع إسكان مصر: طرحت الدولة عدة قطع أراض للاستثمار بالدولار منها أراض ووحدات سكانية ومقابر، وبالنظر للأسعار المطروحة نجدها خرافية حيث تتراوح أسعار أقل وحدة نحو 540 دولارا للمتر في دمياط الجديد و702 دولارا في الشيخ زايد.

التحويل عبر مصادر أخرى

بسبب العوامل السالف ذكرها لجأ المصريون لتحويل أموالهم عبر عدة طرق منها السوق السوداء، ونظام المقاصة المتمثل في إعطاء المغترب أحد زملائه في الخارج المبلغ المراد تحويله بالدولار ثم يقوم شخص تابع له في مصر بتسليم أسرة المغترب قيمة المبلغ بالجنيه ولكن بسعر أعلى من سعر صرف البنك، وبالأخص قبل تعويم سعر الجنيه مجددا بداية العام الحالي.

حلول مقترحة

لو أرادت االحكومة الاستفادة من أموال المغتربين بالخارجـ فعليها أولا بناء جسور ثقة بينها وبينهم وتحويل ثقافة الجباية إلى حماية، وهو ما يبدأ بالدفاع عن قضاياهم في دول الغربة بحيث يشعر المواطن أن هناك حكومة تحمي حقوقه وتهتم لقضاياه وتدافع عن كرامته في حال تعرض لأي انتهاك، ومن المهم أيضا تقديم تسهيلات بنكية وتوفير طرق سهلة وبسيطة لسحب أموال المودعين حال احتياجهم لذلك دون إجبارهم على الصرف بسعر أدنى من السوق أو نشر أجواء من الخوف باحتمال فرض رسوم على أموال المودعين بالدولار.

شاركنا رأيك بخصوص أسباب انخفاض حجم تحويلات المغتربين المصريين بالخارج.

أضف تعليقك
شارك