بعد أزمة الأرز، أسعار توريد القمح تنذر بأزمة جديدة

قبل موسم توريد الأرز الأخير، حددت الحكومة في مصر سقفًا سعريًا للتوريد إلى وزارة التموين، يقدر بنحو 6.5 جنيهًا للكيلو (6850 جنيهًا للطن)، وهو ما اعتبره المزارعون سعرًا جائرًا، مما أدى إلى فشل منظومة “الغلق” التي افترضت الحكومة أنها ستجبرُ المزارعين على التوريد بالسعر غير العادل.

اعتمدت منظومة الغلق التي رسمتها الحكومة على فرض عقوبات تقدر بـنحو 10 آلاف جنيه على كل طن ترى الحكومة أن من حقها الحصول عليه بالسعر الذي تحدده، مع حظر تخزين الأرز في المخازن غير المعتمدة، وتطبيق غرامات باهظة على المتاجر التي ترفض الالتزام بالسعر الإجباري للبيع إلى المستهلك (12 – 15 جنيها).

ولكن ببساطة، ونظرًا لعدم عدالة التسعير، حاولت كل الأطراف الالتفاف على المنظومة، ما أدى إلى تضرر المستهلك الأخير؛ إما بعدم وجود الأرز نهائيا، أو بشرائه بجودة متباينة وأسعار باهظة وكميات محدودة، على عكس المواسم السابقة.

“ماذا عن القمح؟”

بدأ الفلاحون زراعة القمح ابتداءً من نوفمبر الماضي، ومن المنتظر أن يبدأ موسم الحصاد بحلول أبريل القادم. وفي النصف الثاني من يناير قالت وسائل الإعلام إن مجلس الوزراء وافق على تحديد سعر توريد أردب القمح خلال موسم الحصاد القادم بسعر هو الأعلى في تاريخ القمح المصري ليصل بعد الحافز إلى 1250 جنيهًا للأردب.

روّجت وسائل الإعلام الرسمية إلى أنّ الوصول إلى هذا السعر جاء بعد لقاء السيسي مع المزارعين خلال زيارته إلى سوهاج مؤخرًا، وبعد اجتماع رسمي مع وزراء الزراعة والتموين ومدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ومتابعة نتائج أعمال التحالف الوطني للعمل الأهلي ومبادرة “ازرع”، حيث كان سعر التوريد العام الماضي 880 جنيهًا فقط.

كما روَّج الوسطاء بين الحكومة والمزارعين، مثل سيد خليفة نقيب الزراعيين وحسين أبو صدام نقيب الفلاحين بوجود سعادة عارمة بين الفلاحين بعد اعتماد تلك التسعيرة، حيث قال خليفة في مداخلة هاتفية مع أحد البرامج على قناة صدى البلد: “لم نر أحدا اعترض على السعر، لا في الميديا ولا شبكات التواصل، وإنما أشاد به الجميع”.

“صوت الفلاحين المكتوم”

على استحياء ذهبت بعض كاميرات محطات إعلامية غير مصرية إلى أماكن متفرقة من مناطق زراعة القمح، من بينها قناة “العربية” لتناقش الفلاحين بخصوص عدالة التسعير الجديد لتوريد القمح المزروع في أراضيهم إلى الحكومة.

تحدث المزارعون عن نقاط محددة، وهي: عدم مراعاة السعر الجديد لنسبة الانخفاض في قيمة الجنيه مقابل الدولار، والتي تجاوزت 50% في أقل تقدير، وقيمة شراء الحكومة للقمح المستورد بالدولار الأمريكي والعملات الصعبة، ونسبة التضخم التي وصلت بحسب البيانات الرسمية إلى 22%، وسعر تداول القمح ومشتقاته في السوق الحرة، وتقلص السماد الواصل إلى الفلاح بسعر مدعوم عبر الجمعية الزراعية إلى شكارتين بدلا عن 3 شكائر.

يقول محمد محي أحد مزارعي القمح في طوخ بالقليوبية إن: “تكلفة الإنتاج عالية جدًا، الجاز غالي، والملح غالي، والفدان بيستهلك 4 إلى 5 شكائر يوريا، كنت أحب زي ما بيستوردوه من الخارج، يأخدوه مني بنفس السعر”.

تشتري الحكومة أردب القمح المستورد بالعملة الصعبة بما يتراوح بين 1800 – 2000 جنيه تقريبًا، وبحسب بوابة الزراعة التي تقدم مراجعة يومية لأسعار القمح في السوق الحرة المصرية فإن سعره قد تجاوز ألفي جنيه بالفعل بحلول نهاية يناير، وهو الخلل الذي سيؤدي على الأرجح إما لعزوف الفلاحين عن زراعة القمح بمساحات مناسبة، أو تهربهم من توريده للحكومة وبيعه في السوق الحرة أو تقديمه علفا رخيصا للماشية. مثلما حدث العام الماضي حين جمعت الحكومة 4 ملايين طن قمح فقط من 6 مليون زعمت أنها ستجمعهم، واضطرت لاستيراد نسبة العجز من الخارج بأسعار باهظة.

شاركنا رأيك: لم لا تعامل الحكومة الفلاح المصري كما تعامل الفلاح الأجنبي ماليا؟

أضف تعليقك
شارك