كيف تهدد هيئة الدواء صناعة المكملات الغذائية؟

في الأعوام الخمسة الأخيرة، بدأت تجربة تصنيع المكملات الغذائية في مصر تخطف الأنظار، باعتبارها تجربة رائدة في تخصص فريد نجح بعد تعثر طويل. ويعود ذلك في الأساس إلى عاملين رئيسين:

أولاً، زيادة الطلب في السوق المحلية، مدفوعا بانتشار الدعاية بخصوص أهمية الحصول على النواقص الغذائية من خلال المكملات، خاصة لرياضيِّ كمال الأجسام، وما أكثرهم هذه الأيام! والحوامل إلى جانب ذوي القدرات الذهنية والبدنية الخاصة ممن يحتاجون إلى المكملات للعيش بشكل طبيعي.

ثانيًا، مساهمة “الهيئة القومية لسلامة الغذاء” في تنظيم السوق، وهو ما أدى إلى السيطرة نسبيًا على المكملات المغشوشة وتنامي صناعة المكملات في السوق المصرية وصولا إلى التصدير.

زيادة في الصادرات

تأسست الهيئة القومية لسلامة الغذاء بقرار جمهوري عام 2017، ونظرا لاختصاصاتها فقد أصبحت تشرف على توحيد جهات ترخيص “المكملات الغذائية” بأنواعها، وذلك من التقسيم القديم الذي كان يُسند تسجيل المكملات الغذائية إلى جهتين بحسب طبيعة المكمل، وهما: الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية والتي اختصت بمنح التراخيص للعلامات التجارية المصنعة للمكملات الأقرب للشكل والمضمون الدوائي، والمعهد القومي للتغذية الذي يرخص المنتجات البسيطة مثل الأعشاب والمساحيق والسوائل.

وبمجرد تأسيس “الهيئة القومية لسلامة الغذاء” بدأ سوق المكملات المصري يشهد انتعاشا ترجمته محصلة الصادرات التي وصلت إلى 300 مليون دولار، ونحو 15 مليار جنيه حجم تداول خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وما يصل إلى 4500 منتج.

صراع المؤسسات وتخوفات السوق

وبناءً على الوضع السابق، كانت المكملات تباع في الصيدليات وتحصل على التراخيص من هيئة سلامة الغذاء بلا مشكلة، ولكن في 22 سبتمبر الماضي، أصدرت هيئة الدواء التي تأسست 2019، وتتبع رئيس الوزراء، قرارًا يتكون من 8 مواد يعيد تعريف المكملات الغذائية.

قسّم القرار مجددا المكملات إلى “مستحضرات طبية تكميلية”، وفق تعريف فضفاض لها ينص على أنها “مادة أو مجموعة مواد لها أثر طبي مكمل في العلاج أو الوقاية أو استعادة أو تصحيح أو تعديل الوظائف الفسيولوجية”، ويقصر ترخيصها على هيئة الدواء دون غيرها، ويُمنع تصنيعها أو تداولها بدون ذلك الترخيص في منشآت الهيئة.. إضافة إلى مكملات لم يذكرها القرار، ولكنها فهمت ضمنا بأنها ذات وظيفة تغذية، وسيسمح للهيئة القومية لسلامة الغذاء بترخيصها.

رفضت الهيئة القومية لسلامة الغذاء رسميًا هذا القرار الذي سيؤدي إلى فوضى في السوق بحسب مراقبين، وأصدرت القرار رقم 1173 في اليوم التالي من إصدار قرار هيئة الدواء لإخطار مصلحة الجمارك باضطلاعها حصرًا بالإشراف على تداول المكملات.

وفقًا لأيمن الشاعر عضو شعبة المكملات، فإن القرار بمعاودة استصدار التراخيص وفقا لمعايير جديدة خاصة بهيئة الدواء، سيؤدي إلى الإضرار بالشركات وتسريح آلاف العمال والتأثير سلبًا على الصناعة من مواد خام وتغليف وتعبئة واستخلاص جمركي؛ لأن الشركات استقرت على العمل وفقا للبنية التشريعية والإدارية الخاصة بهيئة سلامة الغذاء، التي ساهمت في إنعاش السوق.

وعلى المدى البعيد، يحذر محيي الدين عبيد، وهو صيدلي ونقابيٌ بارز، من آثار قرار هيئة الدواء واصفا إياه بأنه “كارثة جديدة تضرب مهنة الصيدلة، وسيفتح الباب أمام بيع المكملات رسميا في العيادات والمستشفيات والإنترنت والسوبر ماركت”، في إشارة إلى أنواع المكملات التي سترفع هيئة الدواء يدها عنها بموجب القرار الجديد.

شاركنا رأيك: هل تحبذ فتح المجال أمام المكملات الغذائية أم قصر اعتمادها على الهيئة القومية لسلامة الغذاء ؟

أضف تعليقك
شارك