قبل عقدٍ تقريبًا، كان الشرط الأساسي ماديا لامتلاك سيارة في مصر بجوار القدرة على توفير ثمنها، هو القدرة على توفير ثمن صيانتها. فعندما يقول شخص إنه يفكر في شراء سيّارة للتخفيف عن نفسه وأسرته من معاناة ازدحام المواصلات العامة، يباغته سؤال: “تقدر على مصاريفها؟”
ارتبطت الإجراءات القانونيّة لتملك سيارة برسوم ماديّة معقولة، حيث هدفت في الأساس إلى ضبط العلاقة القانونيّة بين من يرغب في اقتناء سيّارة وبين الدّولة بصفتها كيانًا يختصّ بضمان مشروعيّة الشّراء وحقِّ الطّريق والمسؤولية الجنائية المحتملة من وراء تلك المُلكية.. ولكنّ الوضع تغيَّر كثيرًا مؤخرًا.
1) تراخيص السيّارة: حتى تقودَ السيّارة، لا بدّ أن تحصل على رخصتين، رخصة للقيادة ورخصة تتضمن المعلومات الفنيّة عن السيّارة وتسجيلها لدى الدولة. مع الزيادات الأخيرة، باتت تكلفة استخراج رخصة قيادة لأول مرة لا تقل عن 1800 جنيه، أمّا رخصة السيّارة والّتي تجدّد دوريًا شأنها شأن معظم الأوراق الحكوميّة، تتكلف ما لا يقلّ عن 5400 جنيه عن رخصة الـ 3 أعوام.
2) الوقود: لا تعمل معظم السيّارات دون وقود سائل، ونحو 25% من ذلك الوقود مستورد من الخارج، وبحلول مطلع 2019 أعلنت الحكومة رفع الدعم عن الوقود، وتشكيل لجنة لتسعير المواد البتروليّة تنعقد تلقائيًا كل 3 أشهر. الجديد، أنّ الحكومة تنوي، بداية من العام الجديد، عقد اللجنة كل شهر، بدلا من 3 شهور، لبحث الزيادة على الأسعار الحالية والتي تبدأ من 7.25 جنيهات للسولار، وصولا لـ 10.75 جنيهات للتر بنزين 95.
3) الكارتة: مع اتساع مشروعات الطرق والكباري، ازداد عدد “بوابات الرسوم” وتكلفة تذكرتها بشكل جنونيٍّ، حتى بات بعض ملاك السيارات يخصصون لها ميزانيات شهريّة. فقبل 3 أعوام تقريبًا، اشتهر مقطع مصور لسيدة تقول إنّ تكلفة العبور من تلك البوابات في الطريق من الشيخ زايد لشبرا الخيمة، ذهابًا وإيابًا، لمرة واحدة، بلغت 80 جنيهًا. كما اشتكى سكان القاهرة الجديدة في مايو 2020 من اختراع كارتة طريق السويس، الأمر الذي أدى – حينها – إلى فوضى مرورية ومسارات قضائيّة.
4) المخالفات: لا بدّ أن تكون هناك عقوبات رادعة على المخالفين لتقليل الفوضى المروريّة، ولكنّ الملاحظ مؤخرًا أن هناك اتساعاً هائلاً في نشر تقنيات رصد المخالفات على الطرق، حتى أصبحت القاهرة “بلد الألف رادار”، وبدأت إدارة المرور تتربص بالركاب، فمن جهة خفضت من السرعات المسموحة، بحيث يزاد المخالفون تلقائيًا، حتى صارت السرعة القصوى في البيانات الجديدة بشارع الهرم 40 كيلو مترًا، وفي المحاور الجديدة 60 كيلو مترًا، وفي طريقي الإسكندريّة والإسماعيليّة الصحراويين والدّائري 80 كيلو مترًا.
وفي نفس الوقت، رفعت الداخلية مؤخرًا، دون إخطار المواطنين، وبأثر رجعيّ، كلفة رسوم المخالفات، بحيث تبدأ قيمة مخالفة عدم ارتداء حزام الأمان من 200 جنيه، وتبدأ قيمة مخالفة تجاوز السرعة من 400 جنيه، مع العلم أنّ القانون يسمح بزيادتها لـ 1500 جنيه؛ دون الحاجة إلى إجراء تشريعي.
5) الركنة: بموجب “قانون تنظيم انتظار السيارات” الصادر عام 2021، فإنّ شركات خاصة بدأت تحلّ تدريجيًا محلّ “السايس” القديم في المحافظات الكبرى برسوم تبدأ من 10 جنيهات يوميًا، وتصل إلى 300 جنيه للانتظار أسفل العقار في الشوارع العمومية شهريًا.
6) التخريد: تحت دعاوى ضبط الأمن والمظهر العامّ، أدخلت الحكومة في سبتمبر 2021، تعديلات على قانوني المرور والإجراءات الجنائية، تمنحها حقَّ مصادرة السيارات المتروكة في الشارع لمدد طويلة واستردادها للدولة خلال 8 شهور، وفي حال أراد المالك في مرحلة المصادرة، أو مرحلة ما بعد بيعها، استرداد السيارة أو ثمن بيعها؛ فلا بدّ قانونًا أن يدفع مقابل الرفع والإيداع والإيجار الذي قامت به الحكومة، وهو منهجٌ جديد نسبيّا بدأت الحكومة تتوسع في تعميمه، فالعقار المخالف، إذا صدر بحقه قرار إزالة، فإنّ التكاليف كلها تقع أيضا على صاحبه.
شاركنا؛ ما رأيك في منظومة المرور الجديدة؟