الإنفاق أولا: كيف شخّص البنك الدولي مشكلات التعليم المصري؟

أصدر البنك الدوليُّ تقريرًا في أكتوبر الماضي يتناول “مراجعة الإنفاق الحكوميّ على قطاعات التنمية البشريّة”، يعني -اختصارًا- كيف تنفق الحكومة أموال المصريين على المواطن نفسه بعيدًا عن مشروعات الطرق والكباري. وتأتي أهميّة التقرير من أنّه صادر عن أحد المؤسسات المانحة للحكومة المصريّة، والتي تقدم دوريًا مراجعات لطرق الإنفاق داخل مصر بطريقة علميّة.

يعدُّ هذا التقرير خلاصة “حديثة” بعد 8 أعوام (2014 – 2022) من استقرار الحكومات في الحقبة السياسيّة الحاليّة، وبعد اتضاح أولويّات الإنفاق لدى الحكومات المصريّة المتعاقبة يمكن الإجابة على سؤال: هل توجه الأموال أكثر لبناء الإنسان أم إلى أمور أخرى؟

تزامن نشر التقرير تقريبًا مع بدء العام الدراسيّ الجديد والّذي تصادف أن شهدت بدايته عددًا من الحوادث المؤسفة المتكررة مثل سقوط أجزاء من أبنية المدارس على رؤوس الطلاب والطّالبات في الجيزة والإسكندريّة، وهو ما كشف عن توقف ترميم 1450 مدرسة حكوميّة عاجلة بحاجة إلى الترميم؛ لعدم وجود مخصصات ماليّة لها.

كما يفسّر التّقرير السبب الرئيس لحلول مصر في المراتب الأخيرة في مؤشرات “جودة التعليم الأساسي” عالميًا، فبشكل أو بآخر، يعكس التّقرير إحدى أبرز الطّرق الّتي يستخدمها المسؤولون الحكوميّون للتحايل على المشكلات الأساسيّة في التعليم المصريِّ (عدد المعلمين وعدد الفصول)، وهي: وضع حلول لا  علاقة لها بتلك المشكلات، مثل: دمج التّابلت في العمليّة التعليميّة وزيادة أعداد اللّغات الأجنبيّة واستحداث قرارات انضباطيّة، مع تجاهل المشكلات الهيكليّة.

ما الذي يقوله التقرير؟

يركز التقرير على المرحلة الابتدائيّة أكثر من غيرها، وذلك لاعتبارات منهجيّة، أبرزها أنّها المرحلة الأكثر تسجيلًا، حيث يزداد التسرب الدراسي في المراحل اللاحقة، وأنها المرحلة الأكثر كثافة؛ فمن ضمن حوالي 24 مليون طالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعيّ، يوجد نحو 12 مليون طالب في السنوات التعليم الابتدائيّ الستة.

وتشير الأرقام الحكوميّة الواردة في التقرير إلى وجود عجز في عدد المعلمين يصل إلى حوالي 250 ألف معلِّم، ووجود عجز موازٍ في الفصول الّتي تأوي مكونات المنظومة التعليميّة يرقى إلى 117 ألف فصل.

وبالرغم من أنّ الأرقام العالميّة تشير إلى ضرورة توافر معلم واحد على الأقلّ لكل 18 طالبًا، فإنّ الوضع في مصر-  في أفضل أحواله – هو معلم لكلّ 32 طالبًا، فيما بلغ متوسط الكثافة الطلابية على الفصول في أفضل أحوالها، فصل واحد لكلّ 56 طالبًا.

وأخيرا، لا زالت الحكومة المصريّة تركز على الحلول المؤقّتة والمسكّنات عوضًا عن مواجهة المشكلات الأساسيّة، فتقوم بتقسيم اليوم الدراسي إلى فترتين صباحية ومسائية لتقليل تأثير زيادة الكثافة الطلابيّة في الفصول، والاستعانة بمعلمين متطوّعين ومعلمين بعقود مؤقّتة هزيلة بمعدّل 30 ألف معلّم سنويًا بمكافأة 20 جنيها للحصة، لتفادي حلّ مشكلة عجز المعلمين.

ولذا، يحذر التقرير من عواقب استمرار سياسات الترقيع في ملفّ التعليم، ويشدد على ضرورة مواجهة المشكلات الرئيسيّة وفي مقدمتها نقص أعداد الفصول والمعلمين، لئلا تتفاقم الأوضاع سلبًا في الأعوام الثلاثة القادمة، وترتفع الكثافة إلى فصل واحد لكلّ 65 طالبًا.

شاركنا: كم تبلغ الكثافة الطلابية في مدرسة ابنك الحكوميّة؟ وإلى أيّ مدى أنت راض عن جودة الخدمة التعليميّة؟

أضف تعليقك
شارك