أصدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء دراسة تناول فيها نسبة الأمية في مصر، وتبين أنها تبلغ 25.8٪ من السكان، في حين تصل في محافظة مثل المنيا في الصعيد إلى 37.2 ٪. وهو رقم ضخم بمعطيات القرن الحادي والعشرين الذي تنتشر فيه وسائل التعليم المتنوعة.
وفق تلك المعدلات تشغل مصر المركز السابع في انتشار الأمية على مستوى الدول العربية، والثالث والعشرين في أفريقيا، والثاني والثلاثين عالميا. ويتضح حجم الأزمة عند مقارنة نسبة الأمية في مصر بنظيرتها في دول عربية أخرى، فنجد أن نسبة الأمية في فلسطين تبلغ 2.3%، وفي الأردن 5%، بينما تصل في قطر إلى 1.5% فقط.
أسباب زيادة الأمية
يعود انتشار الأمية بشكل رئيسي إلى وجود مشاكل عميقة في قطاع التعليم بمصر مما يدفع العديد من المواطنين إلى العزوف عن التعليم. ومن أبرزها:
- عدم وضع الدولة لملف التعليم ضمن أولوياتها، وهو ما يتجلى في انخفاض الإنفاق الحكومي، فالدستور يلزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4 % من الناتج القومي الإجمالي، وهو ما يعادل في العام المالي 2022/2023 نحو 553 مليار جنيه، ولكن نجد أن النسبة المقررة فعليا في الموازنة هي 192.6 مليارا فقط .
- التكلفة المتزايدة للتعليم الحكومي، فلم يعد التعليم الحكومي مجانيا، حيث تطلب العديد من المدارس الحكومية من أولياء الأمور التبرع للمدرسة لتنفيذ أعمال الصيانة وتجهيز المدارس وشراء المنظفات، وهو ما يثقل كاهل أولياء الأمور خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي دفعت العديد من الأهالي كذلك لتقديم طلبات لنقل أبنائهم من المدارس الخاصة إلى الحكومية، لكنهم فوجئوا بطلب تبرعات مقابل الموافقة على طلبات النقل، فإذا أضفنا تكاليف الدروس الخصوصية سنجد أن التعليم تحول إلى عبء مالي على الأسر المصرية يستنزف جزءا كبيرا من دخلها الشهري.
- ضعف أجور المعلمين، فعلي سبيل المثال بلغ أجر المعلم نظير الإشراف على امتحان الشهادة الإعدادية في العام الدراسي الماضي 180 جنيه فقط، وهو ما تسبب في عزوف أغلب المعلمين عن المراقبة في الامتحانات، فإذا عرفنا أن وزارة التعليم لم تصرف تلك المكافأة أصلا بحجة رفض وزارة المالية، يتبين لنا حجم الكارثة.
- قلة عدد المعلمين مقارنة بعدد الطلاب، فبحسب نقابة المعلمين بلغت نسبة العجز في المعلمين في نهاية عام 2022 نحو 400 ألف معلم ، كذلك أشار تقرير حديث للبنك الدولي إلى مشكلة تكدس الفصول، حيث يتعدى عدد الطلاب 56 طالبا في كل فصل، وطالب التقرير الدولة ببناء نحو 117 ألف فصل دراسي خلال خمس سنوات لتخفيف الضغط وتقليل الكثافة.
حلول غير مستخدمة
تملك الدولة حلولا لأزمة الأمية إن أرادت ذلك، ففي حال تغيير الأولوية من بناء الكباري والطرق والقصور الرئاسية إلى الاستثمار في الإنسان، وزيادة الإنفاق الحكومي على قطاع التعليم ودعم المعلمين وتشجيعهم، وتحفيز العمل المجتمعي والأهلي في الجمعيات والمساجد لمحو الأمية، سنجد انخفاضا سريعا في مستوى الأمية .
لكن شعار “يعمل إيه التعليم في وطن ضائع” الذي قاله السيسي في خطاب رسمي يوضح أبعاد المشكلة، ويجعل البعض يقدم تفسيرات لأسباب العزوف عن الاهتمام بمعالجة الأمية، تشير إلى أن قيادة شعب جاهل أسهل من قيادة شعب مثقف ومتعلم. وهو ما يكمل ثالوث الجهل والفقر والتخلف الذي يعرقل حدوث أي نهضة حقيقية في مصر.
في رأيك، ما هي أفضل السبل لتقليل معدلات الأمية في مصر؟