تزداد الأوضاع الاقتصادية تدهوراً، ليس بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها فقط، ولكن بسبب السياسات الحكومية المضطربة والتخبط في إدارة الأزمة، مما يهدد غذاء المصريين الأساسي مثل القمح، والمكرونة والبيض واللحوم.
ففي أواخر شهر سبتمبر الماضي أرسلت غرفة صناعة الحبوب خطابات إلى وزارتي التموين والتجارة والصناعة، وكذلك إلى البنك المركزي، لإعلامهم بتوقف عمل 80% من مطاحن القطاع الخاص. فمنذ بداية سبتمبر الماضي لم يدخل السوق سوى ثلاثة آلاف طن من الدقيق في حين أن احتياجات السوق الشهرية تتجاوز 400 ألف طن تدخل في صناعة العديد من السلع كالخبز السياحي والفينو والبسكويت والمكرونة، ويحدث ذلك بالرغم من وجود نحو 700 ألف طن من القمح المورّد للقطاع الخاص في الموانئ المصرية حيث يتوقف تسليمها إلى المستوردين على توفير الدولارات وفق شروط البنك المركزي التعجيزية.
لماذا لم تنقذ الحكومة السوق؟
منذ منتصف فبراير الماضي أصدر البنك المركزي قرارًا بوقف العمل بمستندات التحصيل عند الاستيراد، وقصره على الاعتمادات المستندية فقط، وهو ما يعني إلزام المستوردين بسداد كامل قيمة الشحنات المستوردة عند التعاقد، على عكس الدارج في السوق وقتها من سداد جزء فقط في البداية ثم استكمال السداد بعد بيع السلع. ومع شح الدولار في السوق وعدم قدرة البنوك على تلبية احتياجات المستوردين من العملة الصعبة تفاقمت الأزمة وتكدست الموانئ بالبضائع.
رغم إعلان الحكومة إعطاء الأولوية للسلع الأساسية وبالأخص الأغذية والأدوية وتقييد استيراد 13 سلعة مثل السيارات والموبايلات والفواكه والملابس إلا أن شح الدولار واختفاءه من السوق جعل الأزمة تعم كل الصناعات بينما عمليا ركزت الحكومة جهودها على توفير الدولار لسد فوائد القروض.
وقد أصدر رئيس البنك المركزي السابق طارق عامر توجيهات بتقليص فاتورة الاستيراد الشهرية بنسبة تزيد على النصف، وذلك عبر تخفيضها من 9.5 مليار دولار إلى 4 مليار دولار فقط ، مع توزيع المليارات الأربعة عبر تخصيص 2 مليار دولار فقط لاستيراد السلع الأساسية الاستراتيجية الغذائية مثل القمح والذرة والأدوية المستوردة، وتوزيع 2 مليار دولار المتبقين على باقي الواردات التي يعتبرها البنك المركزي ذات أهمية قليلة.
وبحسب سكرتير عام شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية محمد رستم، فإن بعض مستلزمات الإنتاج توقفت في الموانئ المصرية لأكثر من ثلاثة أشهر كاملة، بينما السلع تامة الصنع توقف استيرادها تمامًا منذ مارس الماضي.
التأثيرات على السوق
تسبب شح الدولار في وجود أزمة كبيرة في العديد من القطاعات الصناعية والزراعية بدءاً من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج مروراً بقطع الغيار و السيارات. ومع قلة الوارد من القمح ارتفعت أسعار الدقيق في الأسواق من 8000 جنيه للطن إلى 11000 جنيه، وليس هذا فحسب، بل إن الذرة والصويا المكونان الأساسيان للأعلاف عالقان أيضا في الموانئ، وهو ما أثر مباشرة على ارتفاع أسعار العلف، وبالتالي قفزت أسعار منتجات البروتين من البيض واللحوم والألبان بشكل مضطرد أيضاً خلال الأسابيع الماضية. وبالرغم من وعود الحكومة بالتدخل على أكثر من مستوى إلا أن الأزمة تتفاقم والسوق يختنق، وتواجه العديد من الصناعات والقطاعات الانتاجية شبح التوقف والانهيار.
شاركنا رأيك، هل تلاحظ تغيرات في السوق على مستوى الأسعار وتوافر السلع؟