في نوفمبر الماضي، قال وزير التموين المثير للجدل علي المصيلحي، إن الدولة ضمن إجراءات الحماية الاجتماعية التي تتخذها تخفيفا على المواطن في ظل الأزمة الاقتصادية، ستحافظ على أسعار السلع التموينية على البطاقات المدعمة كما هي دون زيادة، حتى نهاية العام.
لم يكن المصيلحي يقصد بنهاية العام “العام الماليّ” الذي ينتهي منتصف 2023، ولم يكن يقصد 2023 من الأساس، وإنما كان يقصد أنَّ الزيادة لن تحدث خلال العام الذي ينتهي بعد شهر واحد، أو بمعنى آخر بلغة الحكومة: انتظروا الزيادة مطلع العام الميلادي الجديد!
زيادات كبيرة
باستثناء المكرونة تقريبا، أرسلت وزارة التموين للبقَّالين منشورًا يحدد الحد الأدنى لما ينبغي أن تباع به السلع الأساسية بعد الزيادة بداية من يناير 2023 على البطاقات الَّتي لا تتجاوز 4 أفراد، على أن يكون نصيب الفرد 50 جنيها تقريبا.
بالرغم من ثبات الـ 50 جنيهًا دون زيادة في معظم البطاقات؛ فإنَّ الحد الأدنى للسلع التموينية متواضعة الجودة وفقا للنشرة الجديدة جاء كالآتي:
- 30 جنيهًا لزجاجة الزيت وزن 600 جرام، بدلا عن 24 جنيها
- 14 جنيها لكلّ من الأرز والسكر، بدلا عن 10.5 جنيها
- 20 جنيهًا للدقيق بدلا عن 11 جنيهًا بزيادة نحو 100% تقريبا
زيادة مرتقبة في الوقود
في نفس الوقت، يبدو أنّ الحكومة قد عقدت العزم، بناءً على توجيهات صندوق النقد الدولي والاجتماع المرتقب للجنة التسعير التلقائي للوقود التي تجتمع كل 3 أشهر، على رفع أسعار الوقود بزيادة نحو 75 قرشا، بغض النظر عن نوع الوقود، وذلك قبل 15 يناير الجاري، لتصبح، كما قال مصدر في لجنة الطاقة بمجلس النواب:
- 75 جنيها لبنزين 80 بدلا عن 8 جنيهات
- 10 جنيهات لبنزين 92 عوضا عن 9.25 جنيها
- 5 جنيها لبنزين 95 بدلا عن 10.75 جنيها
- 8 جنيهات للسولار بدلا عن 7.25 جنيها
وهي الزيادة التي يتوقع أن تؤثر بدورها في السوق بدءًا من أسعار المواصلات وحتى السلع اليومية، التي سجلت تضخمًا في شهر ديسمبر الماضي، وفقا للإحصاءات الرسمية الأكثر تلطيفًا للواقع، بنحو 22% تقريبا، وهي الزيادة الأعلى منذ 5 سنوات.
التداعيات على المواطن
يقف المواطن المصري عاريًا تقريبًا أمام الهجمة الضارية للأسعار التي تزيد بشكل جنوني على مدار الساعة، إذ يصل الحد الأدنى للأجور في القطاع الحكومي بعد الزيادات المتتالية، إلى 3 آلاف جنيه فقط، ويقل في القطاع الخاص، بعد الزيادة المتأخرة، والتي يحاول بعض أصحاب الأعمال التنصل منها إلى 2700 جنيه فقط.
ويلاحظ أنَّ القيمة الحقيقية (القدرة الشرائية) للحد الأدنى الأجور تنخفض رغم الزيادات الرقمية ورغم مرور الوقت؛ حيث كانت تعادل، عام 2014 (171 دولارا)، فيما باتت اليوم تعادل أقل من 120 دولارا! وهو ما يكفي لتوفير الاحتياجات الضرورية لأسرة صغيرة من فردين وليس حتى 4 أفراد. فكرتونة البيض لوحدها أصبحت بتسعين جنيها.
ويلخص كريم نوبي الباحث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أوضاع المواطن المصري، لا سيما العامل في القطاع الخاص، بعد تلك الزيادات في الأسعار والوقود والانخفاض في القيمة الحقيقية للأجور قائلا (إن ما لا يقل عن 24 مليون عامل مصري في القطاع الخاص يبحثون عن الحماية الاجتماعية من الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء بدءًا من مارس 2022 عقب الحرب الروسية الأوكرانية وبسبب تكلفة فوائد القروض التي أنفقت على العاصمة الإدارية الجديدة”.
في رأيك: ما هو الحد الأدنى الأجور العادل الذي يكفل المواطن العيش “حياة كريمة” كما تقول الحكومة؟