مترو أنفاق القاهرة: مرفق عام بالاسم فقط!
من يطالع تاريخ وسائل النقل الحديثة في مصر، وعلى رأسها مترو الأنفاق، سيجد أنّ هناك “متوالية” تعمل من خلالها الحكومات على رفع سعر تذكرة المترو.
باختصار: توجد زيادة على تذكرة المترو مع افتتاح كل خط جديد، كما يتم التناوب دورياً في تسعير التذكرة بين نظام التذكرة الموحدة، وبين تقسيم التذكرة إلى 3 فئات سعرية حسب عدد المحطات.
حقبة مبارك
حينما افتتحت المرحلة الأولى من الخط الأول (حلوان – المرج) عام 1987، كان تسعير التذكرة موحداً بقيمة 10 قروش، ومع اكتمال الخط الأول رسمياً عام 1989، طبقت الحكومة نظام تقسيم التذكرة إلى 3 فئات، الأولى بـ 10 قروش، والثانية بـ 15 قرشاً، والثالثة بـ 25 قرشاً.
بعد 13 عاماً، مع افتتاح الخط الثاني (شبرا – المنيب) ظلت الحكومة على نظام الـ 3 فئات، مع رفع سعر التذكرة، لتصبح الفئة الأولى بـ 25 قرشاً، والثانية 50 قرشاً، والفئة الثالثة 75 قرشاً.
وفي عام 2006، لما أرادت الحكومة رفع سعر التذكرة مجدداً، عادت إلى نظام التذكرة الموحدة، لتصبح سعر التذكرة الواحدة جنيهاً واحداً (100 قرش) – وهو ما يكشف أن الزيادة عادة تكون مرتبطة بافتتاح مرحلة أو خط جديد، وتحدث بالتناوب بين نظام الفئة الواحدة والثلاث فئات.
عهد السيسي: زيادات غير مسبوقة
ما تغير بين حكم مبارك والعهد الحالي، هو أن الزيادة في تسعير التذكرة لم تعد مرتبطة زمنياً بالافتتاحات الكبرى، فقد تحدث الزيادة في أي وقت، كما أن الزيادات تكون كبيرة جداً في السعر، وبين كل زيادة والأخرى وقتٌ طفيف، فضلاً عن سنِّ تشريعات لإيكال مهمة تشغيل وصيانة المترو إلى شركات خاصة، مصرية وأجنبية.
في مارس 2017، رفعت الحكومة لأول مرة في عهد السيسي سعر تذكرة المترو من جنيه واحد إلى جنيهين، أي أن الزيادة بقيمة 100% مع الحفاظ على نظام الفئة الواحدة، ومع ذلك كانت تلك الزيادة مفهومة إلى حدٍّ ما مع انخفاض القيمة الشرائية للجنيه عقب التعويم.
ثم ظهر التوجه الرأسمالي البحت واضحاً في مايو 2018، فخلال عامّ تقريباً رفعت الحكومة سعر التذكرة عدة أضعاف مع العودة إلى نظام الفئات لتصبح الفئة الأولى بـ 3 جنيهات، والثانية بـ 5 جنيهات، والثالثة بـ 7 جنيهات. كما عدلت القانون 113 لسنة 1983 لكي يسمح لغير الحكومة بالتوسع في الإدارة والتشغيل أي السماح لشركات خاصة بتشغيل المترو.
وفي عام 2020 خلال عهد وزارة كامل الوزير، ارتفع سعر التذكرة مجددا، مع الحفاظ على نظام الفئات، فبلغت الفئة الأولى 5 جنيهات، والثانية 7 جنيهات، والثالثة (أكثر من 16 محطة) بـ 10 جنيهات، وتم استحداث تعريفة جديدة للخط الثالث تصل إلى 12 جنيهاً.
أي أن سعر تذكرة المترو في عهد السيسي قفز من جنيه واحد، إلى 10 جنيهات للفئة الأكبر، بزيادة لا تقل عن 5 أضعاف وتصل إلى 12 ضعف سعر التذكرة في عام 2013.
ما استجدَّ أيضاً من أشكال التعسف في إدارة المترو، أن التذكرة صار لها حدٌ أقصى من الزمن، فإذا مر الراكب من بوابة الدخول واضطرَّ – لأي سبب – أن ينتظر أكثر من ساعتين، أو ساعة و7 دقائق في بعض الخطوط؛ فإنّ التذكرة لا تعمل في بوابة الخروج، ليضطرَّ الراكب إلى دفع 50 جنيهاً غرامة تجاوز الحد الأقصى لزمن التذكرة وقطع تذكرة جديدة للخروج!
هل يحقق مترو الأنفاق خسائر؟
في ورقة بحثية نُشرت 2018، كُشف أنّ مرفق المترو، خلافا لادعاءات الحكومة، لا يخسر، وإنما على العكس يحقق مكاسب هائلة من بيع التذاكر وإيجار المحلات والإعلانات، ولكن الحكومة باتت تضيف بند “الإنفاق على بناء محطات جديدة وشراء القطارات” والذي يتم عادة عبر قروض أجنبية بالمليارات تمثل صميم دور الحكومة في تطوير الخدمات العامة، إلى بند “المصروفات“ والذي كان يقتصر عادة على “الأجور ومتطلبات التشغيل” بحيث يظهر للرأي العام أنّ المرفق يتكبَّد خسائر تقتضي زيادة التذكرة، وهو زعم غير صحيح.
شاركنا رأيك: كيف ترى الخدمات التي يقدمها مترو القاهرة؟