أسباب رحيل طارق عامر: إقالة أم استقالة؟

في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تمر به مصر أثارت استقالة طارق عامر محافظ البنك المركزي على نحو غير متوقع العديد من التساؤلات والتكهنات بشأن توقيتها وعلاقتها بالسياسة النقدية الجديدة في البلاد، فهي جاءت في وقت شديد الحساسية بالتزامن مع المفاوضات المستمرة منذ شهور مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان ابتعاد عامر إقالة أم استقالة.

مفاوضات على قرض جديد من صندوق النقد

رغم حصول مصر على قروض من صندوق النقد الدولي بقيمة 20 مليار دولار منذ عام 2016، إلا انها تسعى  للحصول على قرض  جديد غير معلنة قيمته رسميا بعد، وقد قدرت بنوك استثمار أمريكية قيمته بنحو 15 مليار دولار. وقد طلب صندوق النقد من مصر تنفيذ إجراءات تمس الدعم الحكومي للمواطنين، والسماح بالمزيد من مرونة سعر صرف الجنيه، وهو ما يعني تنفيذ تعويم ثاني للجنيه.

وفي شهر يوليو الماضي، وجه صندوق النقد انتقادات للسياسات النقدية في مصر في بيان رسمي، وهو ما يرجح الربط بين قرار إبعاد عامر وبين رغبة الحكومة المصرية بإحداث تقدم في المفاوضات مع الصندوق حيث خشي عامر في حال تنفيذ طلبات الصندوق من تراجع قيمة الجنيه إلي 25 جنيها مقابل الدولار الواحد، فيما يرى وزير المالية محمد معيط، أن سعر الدولار في تلك الحالة لن يتجاوز 20 جنيهًا.  وقد أشار التجديد لمعيط في منصبه الوزاري، واستقالة عامر إلى احتمال ابعاده عن المنصب لعدم موافقته على شروط صندوق النقد.

قرارات عامر لتخفيض الاستيراد

أصدر عامر أيضا بعض القرارات في الشهور الأخيرة بشأن تنظيم الاستيراد لاقت اعتراضًا من عدد من الغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال مثل اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال المصريين واتحاد العام للغرف التجارية، ومن أبرز تلك القرارات اللجوء إلى الاعتمادات المستندية ووقف التعامل بمستندات التحصيل في كافة العمليات الاستيرادية وتسبب ذلك في تعرض المصانع المحلية لخسائر باهظة بسبب عدم توفر مستلزمات الإنتاج، وزيادة الأسعار بسبب نقص المعروض من السلع مما دفع بعد ذلك إلى استثناء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الإجراءات المطبقة على عملية الاستيراد، والعودة إلى النظام القديم من خلال مستندات التحصيل. لكن لازالت التداعيات السلبية مشاهدة حيث أعلنت 13 شركة سيارات أجنبية انسحابها من السوق المصري لعدم قدرة الوكلاء على توفير العملة الصعبة اللازمة للدفع، وهو ما أدى إلى مشاجرات بين محلات بيع السيارات والمتعاقدين الذين سبق أن دفعوا مقدمات للحجز، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير عن السعر المتفق عليه. وقد أدت تلك الأوضاع إلى تراجع مبيعات السيارات بمصر في إبريل بنسبة 25%، فيما تراجعت نسبة مبيعات الحافلات بمقدار 40% مقارنة بنفس الشهر في العام الماضي.

معارك عامر

خلال فترة شغله لمنصبه، دخل عامر في عدد من المعارك، منها إقالته العام الماضي لهشام عز العرب الرئيس السابق للبنك التجاري الدولي، والتي تم الربط بينها وبين تأزم علاقة عز العرب مع وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، زوجة عامر الثانية، فضلا عن تقدم النائب السابق محمد فؤاد بمذكرة للرقابة الإدارية طالب خلالها بالتحقيق في تورط خورشيد في استغلال منصب زوجها في تسهيل أعمالها وشركائها. وقد اكتفى عامر في استقالته بالقول إنها تهدف لضخ دماء جديدة تحمل المسؤولية، ولكن يستبعد أن تتحسن الأمور برحيله لأن المشكلة الاقتصادية في البلاد أكبر من  منصب المحافظ أو غيره من المسؤولين لأنها ترتبط بسياسات الدولة التي غرقت في  الديون والاقتراض.

هل  ترى أن الحكومة ستلجأ إلي تعويم الجنيه مرة أخرى استجابة لشروط صندوق النقد رغم تسبب ذلك في تبخر مدخرات المصريين؟ 

أضف تعليقك
شارك